[1]من سلسلة مدونات البحث التربوي عن بعد
يستخدم المؤرخ في عمله كلاً من التحري والتخمين لجمع المصادر والوصول إلى استنتاجات، بينما تعد المقابلات المسجلة مصدرًا حيًا يرويه شاهد أولي للتاريخ
- [2] دوج بويد -
في شهر مارس 2020، وفي أعقاب انتشار جائحة كوفيد-19، أُغلقت المدارس في مصر بشكل مفاجيء. ولم يكن هناك أدنى فكرة كيف سيتعامل الطلبة والمُعلمين، وكيف ستدير الحكومة الشهور الأخيرة من العام الدراسي 2019/2020. لجأ مشروع بحث وتوثيق التعليم 2.0 إلى سرديات التأريخ الشفهي لدراسة أثر ما حدث على طلبة المرحلة الثانوية (في الفترة من مارس إلى يونيو 2020). كان الهدف معرفة كيف يتعامل الطلبة ومجتمعاتهم المدرسية ومدى الاستجابة للتغيرات السريعة في الأحداث؟
ما هو التأريخ الشفهي، وكيف يمكنه مساعدتنا على فهم أثر توقف العملية التعليمية بشكل مفاجئ والتغيير الذي يحدث؟
التأريخ الشفهي هو منهج بحثي معني بتوثيق التجارب من خلال القصص والسرد الشفهي. يتم عادة من خلال سلسلة من المقابلات المتعمقة، وفي هذه الدراسة تمت هذه المقابلات على مدار ما يقرب من 4 أشهر. حيث سأل الباحثين/ات الطلبة المشاركين/ات أسئلة مفتوحة متعلقة بمواضيع محددة. وجدير بالذكر أن هذا الشكل يختلف عن المقابلات المتعمقة العادية، والتي تعتمد على مقابلة لمرة واحدة (بشكل منفصل) مع عدد كبير من المشاركين/ات. في المقابل، يعتمد التأريخ الشفهي على مقابلات لعدد أقل من المشاركين/ات على مدار فترة زمنية أطول، ويسمح بوجود تفاصيل وعمق أكثر خلال المقابلات
ما الذي أردنا فهمه بخصوص التعلُّم عن بعد؟
:أردنا فهم كيف يختبر ويتعامل الطلاب مع التالي
التواصل: كيف يحصل الطلاب على المعلومات الخاصة بالمدرسة؟ وعن التقييم؟ وعن التغيرات التي تحدث؟
البيداجوجيا والتعلُّم: كيف يدرس الطلاب ويتعلمون عن بعد؟ كيفية إدارة الدروس الخصوصية وطرق دعم المدرسين للطلاب؟ كيفية استخدام الطلاب للمنصات والمصادر الرقمية[3]؟
الإمتحانات الإلكترونية: كيف استعد الطلاب للامتحانات التجريبية ولتقييم نهاية العام الدراسي؟ كيف كان وضع الغش مع غياب المراقبة والإشراف؟
البيئة الأسرية: هل يهيئ المنزل بيئة داعمة؟ كيف استعدت الأسرة/ أو لم تستعد لإدارة عملية التعليم المنزلي؟
على عكس الإستبيان، لم نشعر بالضغط أو الإلتزام بطرح أسئلة موحدة أو ثابتة. ولكن التزمنا بمجموعة من المواضيع الأساسية مع كل الطلاب، كما قمنا بتطويع الأسئلة بناءً على الإجابات والظروف الخاصة بكل طالب/ة
كيف قمنا باختيار الطلاب/ات المشاركين/ات؟
اخترنا مجموعة صغيرة ومتنوعة من طلاب المرحلة الثانوية المقيدين بمدارس مصرية حكومية من مناطق مختلفة حيث تم اختيار العينة المستهدفة باستخدام طريقة كرة الثلج. ومن خلال الإتصالات الشخصية، وصلنا إلى بعض الطلاب بالصفين الأول والثاني الثانوي. والبعض الآخر تم اختيارهم كمتطوعين عن طريق إرسال رسالة جماعية عبر الفيسبوك. في كل الأحوال، تم أخذ موافقة رسمية من الطلاب/ات وأولياء أمورهم للمشاركة في هذه الدراسة بما أن أعمارهم أقل من 18 سنة
ماذا عن مخرجات البحث [5]؟
النقاط الثلاثة التالية هي جزء من الملاحظات التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث الاستطلاعي[6]ا
المنحنى التعليمي لدى الطلاب في إرتفاع ولكنهم لازالوا في حاجة إلى المُعلمين
خلال المقابلات الأولية في أبريل 2020، شارك الطلاب التحديات التي واجهوها في تعلُّم "مهارات البحث" اللازمة لاجتياز الشكل الجديد من الإمتحانات مفتوحة الكتاب القائمة على التابلت. أعرب الطلاب عن مدى استيائهم لعدم حصولهم على الدعم من المُعلمين وهم بالمثل لم يكونوا مؤهلين لذلك. بعد مرور شهرين، بدأ عدد من الطلبة الحديث عن مهاراتهم الجيدة في البحث وقدرتهم على إيجاد المعلومات
وعلى سبيل المثال، شاركت طالبة في الصف الثاني الثانوي في البداية عن شعورها بالتوتر من وجود هذا العدد من المنصات الإلكترونية. ولكن بحلول شهر مايو 2020، بدأت تستكشف وحدها القنوات المختلفة على اليوتيوب وتطبيقات تعليمية مختلفة لتستخدمها بشكل منتظم في دراستها
على الرغم من تطور مهارات الطلاب لإيجاد مصادر إلكترونية تعليمية جيدة والبحث عن المعلومات بشكل أفضل؛ إلا أنهم تحدثوا عن احتياجهم إلى مُعلميهم. بمعنى أنهم لازالوا في حاجة إلى الدعم والإرشاد من المُعلمين حتى مع قدرتهم على التعامل مع الظروف الحالية
مع زيادة عدد المنصات الرقمية، تغير وضع الدروس الخصوصية إلى حد ما، ولكن ليس كليًا
تكيف وضع الدروس الخصوصية مع نمط الحياة الجديد الذي فرضته الجائحة، حيث بدأ بعض المُعلمين في إعطاء دروس خصوصية بمقابل مادي وآخرون بدون مقابل. تحسنت مهارات الطلاب في إيجاد فيديوهات ومصادر تعليمية رقمية أخرى بدون مقابل بالإضافة إلى المنصة الرقمية الجديدة التي أطلقتها الوزارة لمساعدة الطلاب في امتحانات نهاية الفصل الدراسي. وبينما عبّر كثير من الطلاب عن إرتياحهم مع وسائل التعلُّم عن بعد، لازال بعض أولياء الامور متشككين في فعاليتها وثقتهم مازالت أكبر في نظام التعليم التقليدي. ربما أولياء الأمور بحاجة للاقتناع بوسائل التعلُّم الجديدة حتى يستمر النظام . توضح طالبة في الصف الثاني الثانوي
"العالم اتغير دلوقتي، والثانوية العامة مبقتش زي زمان...لازم نبقى مرنين أكتر ونتعامل مع الوضع الجديد (الدراسة الإلكترونية) بس صعب أقنع أهلي بده، هما لسه بيفضلوا الطريقة القديمة بتاعة الدروس الخصوصية. يمكن يصدقوني ويبقوا مرتاحين أكتر لو شافو أصحابي بيعملوا نفس الحاجة، هيعرفوا إن مش أنا بس اللي بعمل كده"
يستطيع الطلاب إيجاد حلول بديلة لمشاكل الأجهزة الرقمية
أحد المشاكل الشائعة في أجهزة التابلت هي القلم الإلكتروني والذي عادة ما يفقد أو ينكسر وهذا قد يمثل مشكلة كبيرة أثناء الإمتحان الإلكتروني للطلاب. خلال أحد المناقشات في المجموعة البؤرية، شارك الطلبة بعض المعلومات لحل هذه المشكلة. ذكر أحد الطلاب، "حاولت أستخدم صباعي بس معرفتش اكتب الاجابات، بس في طرق تانية، زي مثلا ممكن أستخدم الخضار، زي الجزر أو الفلفل أو أي حاجة، بيكتب أحسن" وكانت نصيحة مفيدة لباقي الطلبة
دروس مستفادة
تم إستخدام التأريخ الشفهي ولا يزال يستخدم لجمع المعلومات عن أحداث وقعت بالماضي، ولكن يمكن أن يتم استخدامه لاكتشاف وفهم الوعي الجمعي، لتوثيق الأيديولوجيات المختلفة، وخلق المعنى والتعرف أكثر على أبعاد شخصية للتجربة التاريخية
- [7] رونالد ج. جريل -
:للمزيد من المصادر عن استخدام التأريخ الشفهي في المقابلات أثناء كوفيد- 19 وتدريس التأريخ الشفهي، أنظر
The Oral History Association’s Remote Interviewing Resources: Remote Interviewing Resources. Retrieved from https://www.oralhistory.org/remote-interviewing-resources/
The Oral History Review’s solicited essays on the implications of interviewing during and about COVID-19: Smucker, Janneken. Perkiss, Abigail and Caruso, David. (2020, September 4). OHR Presents Special Section on Oral History and COVID-19. Retrieved from http://oralhistoryreview.org/current-events/covid-19/?fbclid=IwAR1bh5upK6vpm8kAtmyYadzH1sDpdtLA2Qo_Ozy3F06LiTdvO5TaTmTogYs
The Oral History Association’s Oral History in Education Resource: Oral History in Education. Retrieved from https://www.oralhistory.org/education/
[1] هذه هي ثاني مدونة من سلسلة "البحث التربوي عن بعد". اقرأ المدونة الأولى هنا: الدروس المستفادة من دراسة استطلاعية في مصر أثناء جائحة كوفيد-19
[2] Ashenfelder, M. (2013, January 4). Doug Boyd and the Power of Digital Oral History in the 21st Century [Blog post]. Retrieved from https://blogs.loc.gov/thesignal/2013/01/doug-boyd-and-the-power-of-digital-oral-history-in-the-21st-century/
[3] الاستعدادات التي اتخذتها مصر بخصوص الجائحة كانت متفردة بسبب استثمارها في منصات التعلُّم ومصادر رقمية وإتاحتها على مستوى قومي، بداية من بنك المعرفة المصري منذ عام 2016. وبحلول أغسطس 2020، كانت هناك 5 منصات أخرى متاحة هدفها دعم المشاريع البحثية ومساعدة طلاب المرحلة الثانوية على الدراسة لتقييم نهاية العام الدراسي. LMS.EKB.EG, Study.EKB.EG, Edmodo, Virtual Streaming Classes,Thanaweya.net
[4] لقراءة المزيد عن البحث والأمان انظر المدونة الأولى في السلسلة
[5] باقي تفاصيل مخرجات هذه الدراسة الاستطلاعية ما زالت قيد التطوير تحت إشراف فريق البحث
[6] على الرغم أن هذه الدراسة استطلاعية ومخرجات البحث لا زالت أولية إلا أننا تعلمنا أشياء محددة ستؤثر على مسار العمل والبحث مع بدء العام الدراسي الجديد في أكتوبر المقبل
[7] Grele, R. (1987). On Using Oral History Collections: An Introduction. The Journal of American History, 74(2), 570-578. doi:10.2307/1900139
نود أن نعرب عن خالص امتناننا لزملائنا هبة شامة وهاني زايد وأحمد شرف وكمال نبيل الذين قدموا تعليقات متعمقة على مسودة سابقة لهذه المدونة
ترجمة: آية الحسيني
مصممة الصور: هبة شامة
:مصدر الصور
<https://www.facebook.com/1953651831624967/photos/a.1953672191622931/2691462151177261/?type=3&theater>
:[للاستشهاد بهذه المدونة]
ليندا هيريرا، ونايري عبد الشافي. " استخدام التأريخ الشفهي في تسجيل قصص عن التغيير التربوي أثناء جائحة كوفيد- 19". مشروع بحث وتوثيق التعليم 2.0. ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٠