البحث التربوي عن بعد: الدروس المستفادة من دراسة استطلاعية في مصر أثناء جائحة كوفيد-19

 

كان الإغلاق المفاجئ لمدارس مصر في منتصف الفصل الدراسي، يوم 15 مارس 2020، بسبب جائحة كوفيد-19 حدث غير مسبوق. لم يعرف أو يفهم أحد كيف سيستكمل الأطفال فصلهم الدراسي، وكيف سيتمكن أولياء الأمور بإمكانياتهم وظروفهم المختلفة من إدارة تعليم أبنائهم من المنزل، وكيف ستستمر واجبات وتقييمات نهاية العام عن بعد[1]، وكيف – وإذا ما كان – سينتقل المعلمون والمجتمعات المدرسية إلى التعلم عبر الإنترنت. بمعنى آخر، كان الموقف مناسبًا لإجراء بحث تربوي

وعلى ضوء ما سبق، بادر مشروع بحث وتوثيق التعليم 2.0 ، والذي يبحث ويوثق تغيرات قطاع التعليم في مصر بدراسة استطلاعية بعنوان "التعليم في مصر أثناء جائحة كوفيد-19"[2] لبدء دراسة الأسئلة السابق ذكرها. على وجه الخصوص، فقد اغتنمنا الفرصة لتجربة أدوات ومنصات الإنترنت الجديدة والمتغيرة لتسهيل بحثنا الكيفي عن بعد. في كل الحالات، التزمنا بمعايير الأخلاقيات البحثية وحماية المشاركين بالبحث وبياناتهم


١. عينة/ مجتمع البحث

بالنسبة للأبحاث التي تهدف إلى فهم الممارسات المحلية، فمن المهم أن نأخذ بعين الاعتبار المنطقة الجغرافية والنوع الاجتماعي والسن والحالة الاجتماعية وإمكانية الوصول للبنية التحتية الرقمية، والموارد المتوفرة عبر الإنترنت لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. نظرًا لضيق الوقت وصغر حجم فريقنا المكون من 4 باحثين، فقد لجأنا لمناهج الملائمة والتراكم والاستهداف في جمع العينات. لقد تواصلنا مع مختلف الشبكات المهنية والأسرية والأصدقاء لإنشاء قاعدة بيانات تشمل أكثر من 25 من أولياء الأمور والطلاب والمعلمين وأخصائيي التكنولوجيا من مختلف أنحاء مصر. لم تكن الجغرافيا عائقًا. استطعنا أن نضم أشخاص من محافظات ومدن بعيدة كجنوب سيناء وأسوان والمنيا والشرقية والغربية والدقهلية والفيوم والإسماعيلية والقاهرة. هذه المحافظات والمواقع الجغرافية والبيئات المختلفة لم  يكن من السهل الوصول إليها وجهًا لوجه خلال الجائحة

أجريت المقابلات عبر المكالمات الهاتفية، وفيسبوك ماسنجر، ورسائل واتساب. كانت إحدى مميزات هذا النوع من البحث عن بعد هي كونه يتسم بالمرونة، وسهولة التكيف على أدوات التواصل المختلفة، ولكن من بعض مساوئه أنه يعطي الأفضلية للمشاركين الذين يملكون خط هاتف واتصال واي-فاي جيد. جعل ذلك تضمين المعلومات عن الأسر التي تقع خارج الشبكة ولديها اتصال ضعيف بشبكة الإنترنت أمرًا صعبًا. وعندما استطعنا التواصل معهم كانت جودة المكالمات غير مستقرة، مما صعّب إجراء المقابلات بشكل مناسب يوفر المعلومات المطلوبة، كما كانت وتيرة المكالمات (مرة كل 10-14 يوم) أقل من المقابلات مع المشاركين الآخرين (مكالمة أو اثنين في الأسبوع)

Arabic intext boxes-blog 2 -01.jpg

٢. الأمان والثقة

في ظل الظروف المثالية، قد يكون من الصعب كسب ثقة المشاركين في البحث. ولكن عندما يُجرى البحث عن بعد بدون اللقاء وجهًا لوجه، بل بواسطة الشاشات والبرامج، قد يصبح بناء الثقة صعبًا بشكل خاص. اعتذر بعض أفراد العينة المحتملين عن المشاركة في الدراسة بسبب إجراء المقابلات عن بعد، بينما توقف البعض الآخر عن المشاركة بعد مكالمة أو اثنتين

أظهر المعلمون ترددًا أكبر تجاه المشاركة، وذلك بسبب المخاوف من أن مشاركة خبراتهم وأفكارهم الصادقة حول قرارات الوزارة أثناء إغلاق المدارس قد يجلب عواقب سلبية عليهم، رغم تأكيد فريق البحث لهم أنه لن يُكشف عن هوياتهم، كما شرح لهم طبيعة الدراسة. انضم البعض الآخر للدراسة ولكن أحجموا عن مشاركة آرائهم في البداية. ولكن بعد عدة مقابلات، وبعدما شعر المشاركون أن الأسئلة موجهة نحو تطوير العملية التعليمية وفهم تجاربهم الفريدة، اكتسب المشاركون ثقة أكبر في العملية. وفي بعض الحالات، بدأ المشاركون حتى في التواصل لإجراء مكالمات أخرى وكانوا متحمسين لمشاركة تجارب وأفكار إضافية

Arabic intext boxes-blog 2 -02.jpg

٣. خيارات التواصل والسرية

للبحث عن بعد، يجب على الباحث أن يكون مستعدًا لاستخدام أداة التواصل الأنسب للمشارك وكذلك – عند الحاجة – التبديل بين البرامج والمنصات حسبما يتطلبه الموقف. على سبيل المثال، كان الطلاب يميلون أكثر لاستخدام واتساب وفيسبوك وتيليجرام، بينما فضّل أولياء الأمور عادة الهاتف أو واتساب، أما المعلمون وغيرهم من المختصين فكانوا على استعداد لاستخدام تطبيق زووم والمواقع الأخرى لعقد المؤتمرات عن بعد. مثل أي بحث، على الباحث أن يكون أكثر حذرًا فيما يتعلق بخصوصية وحماية البيانات

Arabic intext boxes-blog 2 -03.jpg

هذا المنشور جزء من سلسلة مدونتنا بعنوان " البحث التربوي عن بعد". انتظروا مدوناتنا القادمة عن كيفية استخدام التأريخ الشفهي وتوثيق الشبكات الاجتماعية في هذا البحث الكيفي (يجري العمل حاليًا على النتائج الفعلية للبحث)


 
 

  [1] صدر القرار الوزاري رقم 70 لعام 2020 في 30 مارس 2020، معلنًا أن تقييمات نهاية العام للسنة الدراسية 2019-2020 ستشمل مشروعات بحثية للطلاب في المراحل الابتدائية والإعدادية من الصف الثالث الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي، وامتحانات منزلية (التابلت) عبر الإنترنت لطلاب المدارس الثانوية في الصفين الأول والثاني الثانوي


 [2] مازالت النتائج النهائية لبحث "التعليم في مصر أثناء جائحة كوفيد-19" الاستطلاعي قيد الإعداد من قبل فريق مشروع بحث وتوثيق التعليم2.0


نود أن نعرب عن خالص امتناننا لزملائنا نايري عبد الشافي وهاني زايد وأحمد شرف وكمال نبيل، الذين قدموا تعليقات ثاقبة على مسودة سابقة لهذه المدونة

ترجمة: أحمد بكر 

مصممة الصور: هبة شامة

:مصدر الصور

 <a href="https://www.freepik.com/vectors/background">Background vector created by rawpixel.com - www.freepik.com</a>

<a href="https://www.freepik.com/vectors/background">Background vector created by freepik - www.freepik.com</a>

:[للاستشهاد بهذه المدونة]

ليندا هيريرا، و هبة شامة. "البحث التربوي عن بعد: الدروس المستفادة من دراسة استطلاعية في مصر أثناء جائحة كوفيد-19". مشروع بحث وتوثيق التعليم 2.0. ٧ سبتمبر ٢٠٢٠ 

https://www.rdp-egypt.com/ar/newblog/remote-research-during-covid-19/


:بقلم